خالد بدير يتحدث عن فوائد وثمرات السماحة في الدنيا والآخرة
فوائد وثمرات السماحة في الدنيا والآخرة
قال الدكتور خالد بدير : إن للسماحة فوائد وثمرات كثيرة تعود على صاحبها بالخير والبركة في الدنيا؛ والفوز بمرضاة الله في الآخرة ومن هذه الفوائد:
محبة الناس للمسامح: فيستطيع سمح النفس الهين اللين، أن يظفر بأكبر قسط من محبة النَّاس له، وثقة النَّاس به؛ لأنه يعاملهم بالسَّمَاحَة والبشر ولين الجانب، فإذا باع كان سمحًا، وإذا اشترى كان سمحًا، وإذا أخذ كان سمحًا، وإذا أعطى كان سمحًا، وإذا قضى ما عليه كان سمحًا، وإذا اقتضى ما له كان سمحًا؛ فينعم بالخير الدنيوي بتسامحه؛ وذلك لأنَّ النَّاس يحبون المتسامح الهيِّن الليِّن، فيميلون إلى التعامل معه، فيكثر عليه الخير بكثرة محبيه والواثقين به؛ فتربح تجارته وينمو ماله؛ ويحظى برضا الله والناس؛ فيسعد في دنياه وأخراه .
شهادة الناس للمسامح عند موته:
فالرجل المسامح الهين اللين المشهور بحسن خلقه بين الناس؛ يحظى بشهادة الناس له عند موته ويكثر المصلون على جنازته فيكون ذلك سبباً في وجوب الجنة له. فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: ” مُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ، وَمُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا. فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ . قَالَ عُمَرُ: فِدًى لَكَ أَبِي وَأُمِّي ، مُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرٌ فَقُلْتَ وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ، وَمُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرٌّ فَقُلْتَ وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ!!! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ ” ( متفق عليه واللفظ لمسلم ) .
فشهادة الجيران للميت شفاع ، فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :” ما من مسلمٍ يموتُ فَيَشْهَدُ لهُ أربعَةٌ أهلُ أَبْياتٍ من جِيرَانِهِ الأَدْنَيْنَ أنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ إلَّا خيرًا ؛ إلَّا قال اللهُ: قد قَبِلْتُ عِلْمَكُمْ فيهِ، وغَفَرْتُ لهُ ما لا تعلمُونَ.” [صحيح ابن حبان].
فإذا أردت أن تعرف حقيقة نفسك محسن إلى جارك أم مسيء سل جيرانك ؟!! فقد أخرج البيهقي في شُعب الإيمان من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: ” أن رجلاً قال: يا رسول الله دُلَّني على عمل إذا عمِلت به، دخلت الجنة، فقال: كن محسنًا ، فقال: يا رسول الله، كيف أعلم أني محسن؟ قال: سل جيرانك، فإن قالوا: إنك محسن، فأنت محسن، أو قالوا: إنك مسيء، فأنت مسيء “.
السماحة من مكفرات الذنوب :
فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :” كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ؛ فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ تَجَاوَزُوا عَنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا؛ فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ”.(متفق عليه). فقد تجاوز الله عنه لأنه تجاوز عن العباد فكان الجزاء من جنس العمل. يقول الإمام النووي: ” والتَّجاوز والتَّجوز معناهما، المسامحة في الاقتضاء، والاستيفاء، وقبول ما فيه نقص يسير، وفي هذه الأحاديث فضل إنظار المعسر والوضع عنه، إمَّا كل الدين، وإما بعضه من كثير، أو قليل، وفضل المسامحة في الاقتضاء وفي الاستيفاء، سواء استوفي من موسر أو معسر، وفضل الوضع من الدين، وأنَّه لا يحتقر شيء من أفعال الخير، فلعله سبب السعادة والرَّحْمَة”.
السماحة تجلب رحمة الله: كما في الحديث الشريف :” رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى”. (البخاري)
السماحة منجاة من كرب يوم القيامة : قال صلى الله عليه وسلم:” مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ أَوْ يَضَعْ عَنْهُ “، وقال أيضاً :” مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ ” ( رواهما مسلم)
السماحة تُحرّم صاحبها على النار : فعن جابر قال قال صلى الله عليه وسلم :” ألَا أُخبِرُكم على مَن تحرُمُ النَّارُ غدًا؟! على كلِّ هيِّنٍ ليِّنٍ سهلٍ قريبٍ “. (ابن حبان والطبراني).
وهكذا – أيها المسلمون- يفوز المسامح بخيري الدنيا والآخرة؛ والفرصة أمامكم فهل أنتم فاعلون؟!!