حياة الرسول أنموذج تطبيقي لصحيح الإسلام ، خطبة الجمعة للشيخ عبد الناصر بليح
حياة الرسول أنموذج تطبيقي لصحيح الإسلام ، خطبة الجمعة للشيخ عبد الناصر بليح ، بتاريخ 4 ربيع الأول 1441 هـ ، الموافق 1 نوفمبر 2019.
لتحميل خطبة بعنوان : حياة الرسول أنموذج تطبيقي لصحيح الإسلام ، خطبة الجمعة للشيخ عبد الناصر بليح :
لتحميل خطبة بعنوان : حياة الرسول أنموذج تطبيقي لصحيح الإسلام ، خطبة الجمعة للشيخ عبد الناصر بليح، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة بعنوان : حياة الرسول أنموذج تطبيقي لصحيح الإسلام ، خطبة الجمعة للشيخ عبد الناصر بليح، بصيغة pdf أضغط هنا.
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
ولقراءة خطبة بعنوان : حياة الرسول أنموذج تطبيقي لصحيح الإسلام ، خطبة الجمعة للشيخ عبد الناصر بليح : كما يلي:
عناصر خطبة بعنوان : حياة الرسول أنموذج تطبيقي لصحيح الإسلام ، خطبة الجمعة للشيخ عبد الناصر بليح :
حياة الرسول نموذج :
الحمد لله الذي خلق الإنسان وألهمه، وأكرمه ونعَّمَه.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين..وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه القائل :”إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”اللهم صلٍّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:فياأحباب رسول الله صلي الله عليه وسلم: يقول الله تعالى:”لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا”(الأحزاب: 21).
جماعة الإسلام :”ونحن في شهر مولده نقول إنَّ رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – أنفَسُ ما عَرفتِ الإنسانيَّة من زعماء، وأكرمُ ما ظهرمنها من رجالٍ عُظماء،إنه سيِّدالمرسلين، وأشرف النبيِّين،وخيرُ الهُداة والمرشدين، وأعظمُ الدعاة والمصلحين، وهو الأُسوة الحسنة للمؤمنين بالله واليوم الآخر. قال له أبوبكر الصديق ماكل هذا الأدب يارسول الله قال :
” أدبني ربي فأحسن تأديبي”(السخاوي) وسئلت عن أم المؤمنين عائشة قالت :” كان خلقه القرأن”(صحيح).وقال عن نفسه:”إنما انارحمة مهداة وقال إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”(صحيح).
إخوة الإيمان والإسلام:”ونحن نتحدث عن حياة الرسول الأسوة والقدوة نقول بأنه:”
#عمل علي بناء الإنسان وقدمه على بناء العُمْران لماذا؟:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كانّ الإنسان هو شعلة النشاط، وبارقة الأمل في بناءِ أيّ مجتمع وأيّ أُمّة وجدنا أن حياة الرسول صلي الله عليه وسلم اتسمت ببناء الإنسان عقيدة وثقافة وفكرًا وأخلاقًا واقتصادًا؛ وقد كانت أولى خطوات النبي الحبيب -حتى قبل الهجرة- في دار الأرقم، وهي تلك الدار التي استطاع النبي من خلالها أن يبني الإنسان بناء متكاملاًمن العقيدة والعبادة والأخلاق والشجاعة والهمّة العالية اهتمامه بالفرد.
لعلم رسول الله صلي الله عليه وسلم علم اليقين أن الله كرّم الإنسان،فعمل علي ألا نهينه ونمتهن كرامته لمجرّد الاختلاف في الرأي أو الفكر أو حتى العقيدة والدين، يقول الله تعالى:”وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا”(الإسراء: 70). و يقول عزّ وجلّ: “َيا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”(الحجرات: 13).. كما حرّم الإسلام الاعتداء على دين الإنسان، وماله، ونفسه، وعِرْضِه، وبدنِه، وأرضِه، وعقلِه، وحريتِه..
# الإنسان كالبنيان المرصوص:”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن خلال حياة الرسول صلي الله عليه وسلم مع أصحابه عمل علي تقوية أواصر المحبة والإخاء والصدق وأخذ في بناءهم بناءً راسخاً لأن الإنسان إذا لم يكن أساسه قوياًمتيناًعلي الإيمان والتقوى فهو كريشةٍ في مهبِّ الريح..
فهو مثل البناء في أسسه وكمالياته أو في دمامةسلوكه ورعونة تصرفاته،قال تعالي:” “لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ۚ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا ۚ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ”(التوبة: 109).
بين القرأن أن البنيان وهو المسجد الذي أسس علي التقوي أحق أن تقوم فيه رجال هؤلاء الرجال صفتهم الطهارة فمسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم رغم بساطته ولكن عمره رجال فكان فرشه الحصي ولكن غطتها أجساد طاهرة وكان أعمدته جذوع النخل ولكن كان عماده رجال أوفياء وكان سقفه الجريد ولكن كانت تلهج فيه إلي الله ألسنةصادقة ذاكرة .. وأكد رسول الله صلي الله عليه وسلم علي ذلك بقوله:”المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا”(متفق عليه).
# الإنسان عند الله أشرف من الكعبة المشرفة:”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جماعة الإسلام :” علم رسول الله صلي الله عليه وسلم أن الكعبة المطهرة هي أشهرُ مقدساتنا وأكبرُ معاقل التوحيدِ على الأرض، وقد حفَّها الله تعالى بالأمان وجعلها حرماً آمناً وكتب الصلاة فيها بمائة ألف صلاة، ولكنها ليست مقصودة بذاتها إلا لتُحَقِّقَ مرابحَ الإيمان وتعلو عليها قيمة الإنسان، فوضح ذلك للجميع حتي يعلموا أن بناء الإنسان يقدم علي أي بنيان حتي لو الكعبة فعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال:
“رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول ما أطيبك وما أطيب ريحك ما أعظمك وما أعظم حرمتك والذي نفس محمدٍ بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمتك ماله ودمه”(المنذري في الترغيب والترهيب)، فالإنسان هو الأقدس والأعظم حرمةً لأنه مخلوقٌ من روح الله مالك الكون، قال الله تعالى:”فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ”(الحجر/29).لم يأمر المولي عز وجل أحداً أن يسجدلأحد غيره سوي لأدم:”قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَإِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍوَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ”(الأعراف/12).
#صيانة الإنسان من عبادة الأصنام:”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد صاغ الرسول العظيم جنس العرب ومن انضم إليهم من بقية الأجناس صياغةً إنسانيةً رائعةً بعد أن نقلهم نقلةً نوعيةً من براثن الأصنام والفواحش والتظالم إلى التوحيد والتطهر والعدل، قال جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه لنجاشي الحبشة وهو يعرض عليه هذه الدرر الحسان:
“..أيها الملك:
كنا قوما أهل جاهليةٍ نعبدُ الأصنامَ ونأكلُ الميتةَ ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيءُ الجوار، يأكل القوي منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة وأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئا وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام، قال:
فعدد عليه أمور الإسلام فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئاً وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحلَّ لنا…”( مسند أحمد )، وعلى هذا النسق من التأسيس كان بناء الإنسان في جوانب العقيدة والأخلاق والعبادات والسلوك مع مراعاة حق الخالق الأعلى وحقوق العباد.
وقد سار المسلمون على هذا النهج القويم قروناً طِوَالاً وغيَّرُوا وجه الدنيا وقد أضاؤوها بالعدل والسلام لما ملكوها، وكانت المرحمة هي المعلم الساري في جنبات التاريخ الذي جثا يسجل هذه السجايا الطيبة للفرد المسلم الذي رباه الإسلام.
وانطلقت حضارة الإسلام لتمنح الدنيا عطاءً علمياً غير مسبوقٍ في مجال الطب والفلك والهندسة والحراثة وعالم البحار،مع مراعاة أوامر الدين وأحكامه فكان الفرد المسلم عملةً نادرة في عطائه وحسن توقيعه في الحياة جامعاً بين كرامة الدنيا وفضل الآخرة.
#بناء الإنسان علي القناعة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حرص الرسول صلي الله عليه وسلم طيلة حياته علي بناء الإنسان وتربيته علي عزة النفس والقناعة والبعد عن الشره والجري خلف المال وقد عدَّ نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم هذا كله من باب الانتكاس والتعاسة ودعا على من كان هذا حاله بقوله:
“تعسَ عبدُ الدِّينارِ، وعبدُ الدِّرْهَمِ، وعبدُ الخميصَةِ، تعسَ وانتَكسَ وإذا شيكَ فلا انتَقَشَ”(ابن ماجة)، ولا شك أن الفرد بلا إيمانٍ صادقٍ راسخٍ يعيش مثل الريشة في مهب الريح، همه هواه وسعيه فقط لدنياه والله عز وجل يقول:”وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ”(الشورى/20)، ويقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم:”مَن كانتِ الآخرةُ هَمَّه جعل اللهُ غِنَاه في قلبِه وجَمَع له شَمْلَه، وأَتَتْه الدنيا وهي راغمةٌ، ومَن كانت الدنيا هَمَّه جعل اللهُ فقرَه بين عَيْنَيْهِ، وفَرَّق عليه شَمْلَه، ولم يَأْتِهِ من الدنيا إلا ما قُدِّرَ له”( صحيح الجامع).
# بناء الإنسان علي الرفق والرحمة :”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرسول صلي الله عليه وسلم نبي الرَّحْمَة والرَّحْمَةَ مِنْ أَخَصِّ أَوْصَافِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدصلي الله عليه وسلم الَّتِي كَانَتْ تَغْلِبُ غَضَبَهُ، وَلَهُ مِنْهَا الْحَظُّ الْأَوْفَى.فَإِنَّ اللهَ أَرْسَلَهُ لِذَلِكَ، كَمَا قَالَ-جَلَّ وَعَلَا- : “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ”(الأنبياء: 107).
وَلَقَدْ تَوَاتَرَتِ النُّصُوصُ مِنْ سِيرَتِهِ وَسُنَّتِهِ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الرَّحْمَةِ وَالشَّفَقَةِ، وَمَا جَاءَ عَنْهُ مِنَ الْأَمْرِ بِهَا، وَالْحَثِّ عَلَى امْتِثَالِهَا شَيْءٌ كَثِيرٌ يَعْسُرُ حَصْرُهُ وَاسْتِقْصَاؤُهُ؛ لِذَلِكَ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْدَانُ، قَالَ تعالي:”فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ”(آل عمران: 159)
فأرادالرسول أن أن يربي المسلم علي هذا الخلق لأنه إنسان فعن النُّعمان بن بشير رضي اللَّه عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”ترى المؤمنين في تراحمهم، وتوادِّهم، وتعاطفهم، كمثل الجسد إذا اشتكى عضوًا، تداعى له سائر جسده بالسَّهر والحمَّى”(مسلم) ..وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”الرَّاحمون يرحمهم الرَّحمن،ارحمواأهل الأرض يرحمكم من في السَّماء”(البخاري) – وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول:”لا تنزع الرَّحْمَة إلَّا من شقيٍّ”(أحمد والبخاري) .
أما من كان بعيدًا عن الإحسان بالخلق، ظلومًا غشومًا، شقيًّا، فهذا لا ينبغي له أن يطمع في رحمة الله وهو متلبس بظلم عباده.وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
“قبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس التَّميمي جالسًا، فقال الأقرع: إنَّ لي عشرة من الولد ما قبَّلت منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ قال: من لا يَرحم لا يُرحم”(متفق عليه) .
فمن علاقة الإنسان بنفسه التي بين جنبيه، وعلاقته بذويه وأهله، إلى علاقته بمجتمعه المحيط به، إلى معاملته لجميع خلق الله من إنسان أو حيوان، كل ذلك مبني على هذا الخلق الرفيع، والسَّجيَّة العظيمة.
#بناء الإنسان علي صيانة نفسه وحفظ كرامته:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خلق الله الإنسان بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وسخر له ما في السموات وما في الأرض ليستخلفه في الأرض:”وإذ قال ربك لملائكته إني جاعلٌ في الأرض خليفة”، و جاءت شريعة الإسلام فشرعت لها من الأحكام ما يحفظ هذه النفس البشرية ويحقق لها المصالح ويدرأ عنها المفاسد مبالِغةً في حفظها وصونها ومنع الاعتداء عليها.
إذ إنه حافظ على ما يحيط بهذه النفس البشرية من الكرامة الإنسانية، فجاءت النصوص الكثيرة التي تمنع الإنسان من الاعتداء على أخيه الإنسان ولا أقصد هنا الاعتداء المادي بل المعنوي المتمثل بالشتم والتحقير والغيبة والنميمة والقذف حفاظاً على كرامته، لأن كرامة الفرد من كرامة المجتمع، فهو يمثل الجماعة فحمت الشريعة هذه الحريات، قال سبحانه “والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً”.
فقد حرص الرسول صلي الله عليه وسلم أشد الحرص على حماية هذه النفس بشتى الوسائل:فقال صلى الله عليه وسلم:
“مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدا فِيهَا أَبَدا. وَمَنْ شَرِبَ سَمّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدا مُخَلَّدا فِيهَا أَبَدا. وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدا مُخَلَّدا فِيهَا أَبَدا”(مسلم). وحرّم الإسلام جميع الوسائل والأسباب المؤدية إلى القتل مثل الفتنة بالقول أو الفعل كالغيبة والنميمة والفتن لأن الفتنة أشد من القتل:”وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا “(الإسراء/53).
وإذا تواجه المسلمان فاقتتلا، فالقاتل والمقتول في النار وحتى أنّ الشريعة الإسلامية نهت عن أن يشهر الأخ السلاح أو الحديدة ولو مازحاً في وجه أخيه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم”من أشار إلى أخيه بحديدة فإنّ الملائكة تلعنه حتى وإن كان أخاه لأبيه وأمه”(مسلم).ويقول صلى الله عبيه وسلم أيضاً:”لو أن أهلَ السماءِ وأهل الأرضِ اشتَرَكُوا في دمِ مُؤْمِنٍ لأكَبَّهُم اللهُ في النَّارِ”(الترمذي).ويقول:”أول ما يقضى بين الناس في الدماء”( البخاري ومسلم).
#بناء الإنسان علي قوة الشخصية وعدم التبعية:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما هاجر الرسول صلي الله عليه وسلم وصلي تجاه بيت المقدس بأمر من الله ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً ولكنه كان يقلب وجهه في السماء ليعود لقبلة أبائه وأجداده وأراد من ذلك مخالفة اليهود وتحديد شخصية المسلم:” لايكن أحدكم إمعة ..”
و لكن انبهر المسلمون منذ زمانٍ ليس بالقصير بحضارة الغرب العرجاء مكسورة الجناح في جانبها الإنساني وببعض الحضارة المطلة من المشرق فقلدوهم واتبعوهم وتلقفوا كلَّ واردٍ من بلاد العجائب كأنه نصٌّ مقدسٌ حتي قلدهم الشباب في انحرافهم وغرق الكثرة الغالبة من أبناء أمتنا في براثن الاستهلاك والغبِّ المسعورِ من مباهج الدنيا الزائلة كأننا نعيش على أرضهم لا في قلوب أوطاننا، وكأن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم حيٌّ بيننا ليحذرنا من ذلك حين قال:
“لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبرٍوذراعاًبذراعٍ حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟”(البخاري).واختار الرسول جحر الضب لأنه أغبي أنواع الحيوانات فعندما يحفر جحره يجعل له باب واحد فيسهل صيده ..
جماعة الإسلام :
#ماذا فقد إنسان هذا الزمان؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بتتبعه للغرب وبعده عن حياة الرسول صلي الله عليه وسلم؟
قال تعالي :”هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍأَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًاإِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا”(الإنسان/1-3). حديث القرآن عن الإنسان ينبهه أنه لم يكن شيئا له نباهة ولا رفعة، ولا شرف، إنما كان طينا لازبًا وحمأ مسنونا.وبين له أنه قد خلق من ماء أمشاج أي خليط بين الرجل والمرأة ثم بين له :”إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ” قال: ننظر أيّ شيء يصنع، أيّ الطريقين يسلك، وأيّ الأمرين يأخذ، قال: وهذاهوالاختبار.
ولكن السؤال ماذا فقد الإنسان في هذا الزمان؟
#إن الإنسان من أمتنا في كثيرٍ من أقطارها قد هدم بيده من وراءالتقليد للغرب ومن وراء اتباع هواه وضغط مجتمعه جوانبَ هامَّة في إنسانيته وأهمل ملامحَ رائعةً في حنايا نفسه.ثم هو الآن يعاني أشد المعاناة مما اقترفت يداه..إنه يتوجع مع قوله المكظوم:
ماذا حدث للناس؟!لماذا تغيرحالهم كل هذاالتغير؟!وهوذاته الذي أثارالمشكلةوزوَّدَ في البلاء.
#إنسان هذا الزمان قد أمات في نفسه جمال الإنسانية التي كان عنوانها نقاء السريرة وطهرة القلب وسلامة الضمير، وتلك خسارةٌ تجلُّ عن الوصف لأن نقاء القلوب موجبٌ لجنات علام الغيوب فعن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما: “قيل لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ أيُّ الناسِ أفضلُ قال :”كلُّ مخمومِ القلبِ صدوقِ اللسانِ قالوا صدوقُ اللسانِ نعرفُه فما مخمومُ القلبِ قال هو التقيُّ النقيُّ لا إثمَ فيه ولا بغيَ ولا غِلَّ ولا حسدَ”(ابن ماجة)، والله عز وجل يقول:”يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ” (الشعراء/88، 89).
إنسان هذا الزمان مبتلى بحب الدنيا حتى النخاع وترابها ومناصبها ومتيمٌ بالاستعلاء الوهمي فيها وهو بهذا يهدم في نفسه الأمل والعمل لركنه الباقي في جنات الخلود، قال الله تعالى:”تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ”(القصص: 83).
إنسان هذا الزمان قد سقطت منه في زحمة الحياة لوازم الأدب وأمارات الذوق العام والشخصي فلم يعد يفرق بين أدب العطاس وما يشبه النهيق وبين أدب الحوار ومناهبته وبين آداب الطعام وفقده، وبالطبع فإن الجيل الجديد عنده فقرٌ شديدٌ في الجانب السلوكي الشخصي في الإسلام لأنه لا يقرأ ولا يثني ركبته إلى من يعلمه..
والداهية الكبرى أن كل فردٍ يتوهم أنه دستور أدب وحجةٌ في باب الذوق والسلوك!.
#إنسان هذا الزمان مريضٌ بداء الاستحواذ على أدوار الآخرين في مجال التفاخر والتشريف فقط، الجاهل ينسى جهله ويقفز فوق السنن الإلهية ويتخلل تخلل الباقرة ويهرف بما لا يعرف ويصول ويجول على غير هدى في حواره ومداره،
#إنسان هذا الزمان مريض بالعصبية و الحزبية والعنصرية الفكرية الضيقة العمياء التي تصم الآذان وتعمي القلوب وتجعل جهد الإنسان يدور ويضنيه المسير في فلكٍ واحدٍ حيث يعمل لحساب طائفةٍ معينةٍ ويهيل التراب على بقية المسلمين.
) إنسان هذا الزمان فقد القدوة لأنه شوهها بلسانه ويده وجنانه وسعيه، وإذا بك تبحث هذه الأيام عن قدوةٍ طيبةٍ يسير الناس خلفها فلا تجد، لأنه فينا عيبٌ كبير ألا وهو اتهام القدوات على الدوام وخصوصاً أكابر العلماء والمصلحين وهؤلاء لحومهم مسمومة وعادة الله تعالى في هتك أستار منتقصهم معلومة، ومن أطلق لسانه في العلماء بالثلب بلاه الله قبل موته بموت القلب كما أكد ذلك الذهبي في الميزان.
أما الحقراء والوضعاء والسفلة فلهم مقعد منيفٌ في الإطراء الكاذب والنعت المتكاذب، وكم من شخصٍ يُكال له من المدح والثناءالمعجب وهولا يساوي عند الله جناح بعوضة..
كماجاءعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ:”مَرَّرَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،فَقَالَ لرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٍ:”مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا؟فَقَالَ:”رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ ، هَذَا وَاللَّهِ حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ،وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ،قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ آخَرُ،فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:”مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا ؟ فَقَالَ:يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ ،هَذَا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لاَ يُنْكَحَ ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لاَ يُشَفَّعَ ،وَإِنْ قَالَ أَنْ لاَ يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ ، َقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا”(البخاري) .
#الخطبة الثانية:”
ــــــــــــــــــــــــ
#أيها المسؤولون “الإنسان قبل البنيان”
فى قصة قصيرة جدا للأديب البرازيلي”باولو كويلو” كان الأب يحاول أن يقرأ الجريدة ، لكن ابنه الصغير لم يتوقف عن مضايقته، وحين تعب الأب من ابنه قام بإخراج ورقة فى الصحيفة التى كانت تحتوى على خريطة العالم ، ومزقها إلى أجزاء صغيرة ، وقدمها إلى ابنه وطلب منه إعادة تجميع الخريطة،ثم عاد لقراءة صحيفته،ظنا منه أن الطفل سيظل مشغولاًبقية اليوم،إلا أنه لم تمر دقائق قليلة حتى عاد الطفل إليه وقد أعاد ترتيب الخريطة ، فتساءل الأب مذهولاً : هل كانت أمك تعلمك الجغرافيا ؟،رد الطفل قائلا:لا ، لقد كانت هناك صورة إنسان على الوجه الآخر من الورقة ،وعندما أعدت بناء الإنسان أعدت بناء العالم أيضا .
ان المعنى الذى تحمله هذه القصة القصيرة عظيم عظيم ورائع ،تأملوا معى الجملة الأخيرة من القصة “عندما أعدت بناء الإنسان أعدت بناء العالم أيضاً”
هكذا الإنسان هو محوربناء الحضارات والإنجازات والنجاحات،وإسلامنا يعلمنا أن الله استخلف الإنسان لإعمارالأرض،وبناء الحياة فيها،وما نراه من تقدم هائل فى كل مجالات الحياة،ما كان ليحدث إلا بمبادرات وإنجازات أناس وضعوا بصفتهم فى تاريخ البشرية .
إخوة الإيمان والإسلام نعم أكرر”الإنسان قبل البنيان ” وهذا شاهد التاريخ على صدق المقولة : فسور الصين العظيم احد عجائب الدنيا ، تم بناؤه فى الأصل كمشروع عسكرى دفاعى يتكون من حوائط دفاعية وأبراج مراقبة،وممرات استراتيجية،وثكنات للجنود ، وابراج انذار، فى عهد أسرة مينج الملكية،بلغ طوله 7000 كيلو متر،وكان عدد الجنود المرابطين على خط السور فى ذلك العهد حوالى مليون جندى،.
ورغم هذا الإعجاز المعماري غير المسبوق ، فإنه خلال المائة سنة الأولى بعد بناء السور العظيم ، تعرضت الصين للغزو ثلاث مرات ، وفى كل مرة لم تكن جحافل العدو البرية فى حاجة إلى اختراق السور أو تسلقه أو هدمه ، بل كانوا فى كل مرة يدفعون للحراس الرشوة ، ثم يدخلون عبر الباب بكل بساطة . لقد انشغل الصينيون ببناء البنيان (السور ) ونسوا بناء الإنسان (الحراس ) .
#بناء الانسان قبل البنيان فبناء الإنسان ..
يأتي قبل بناء كل شيء وهذا ما يحتاجه أبناؤنا اليوم .. وإذا كان ثمة سؤال يطرح نفسه هو : كيف نبنى الإنسان ؟ فالجواب بكل بساطة : التربية التربية..التعليم التعليم وما زلت أحفظ المثل الشعبى الذى كانت تردده أمي عليهارحمة الله على مسامعنا دائما “ابن ابنك ولا تبن له “وما أعظمه من مثل .فكم من أناس بنوا لأبنائهم وأهملوابنائهم أخلاقياً فضاع الولد وضاع البنيان..
يقول أحد المستشرقين:”إذا أردت أن تهدم حضارة أمه فهناك وسائل ثلاث هي:
#هدم الأسرة- هدم التعليم- اسقط القدوات والمرجعيات.
*لكي تهدم اﻷسرة:عليك بتغييب دور(اﻷم)فاجعلها مهمشة ليس له دور في التربية..
*ولكي تهدم التعليم: عليك ب(المعلم) لا تجعل له أهمية في المجتمع وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه.*ولكي تسقط القدوات: عليك ب (العلماء) اطعن فيهم قلل من شأنهم، شكك فيهم حتى لايسمع لهم ولا يقتدي بهم أحد.فإذا اختفت (اﻷم الواعية) واختفى (المعلم المخلص)وسقطت (القدوة والمرجعية).فمن يربي النشئ على القيم؟
جماعة الإسلام:” على الأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد وكل مؤسسات المجتمع أن تتحيز لإعادة صياغة الإنسان فهذا أهدى سبيلاً في الحياة وأقوم قيلاً، وماذا يفيدُ في الإمكان إذا علا العمران وانهدم الإنسان مع بقاء الهياكل والرسوم وبهاء الألوان؟!.
اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه..
______________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للمزيد عن أسئلة واختبارات وزارة الأوقاف
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف