الأوقافمقالات وأراء

المتيسر والمتعذر لوزير الأوقاف

ديننا الحنيف قائم على السماحة واليسر ، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) ، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَىْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (صحيح البخاري) ، وعَنْ عَائشَةَ (رَضيَ اللهُ عنها) أنَّ النَّبيَّ (صلى الله عليه وسلم) دخَلَ عليها وعندَها امرأةٌ ، قال: «مَنْ هذه؟» قالت: هذه فُلانةٌ ، تذْكرُ مِنْ صَلاتِها ، قال: « مَهْ »، عليكم بِما تُطِيقونَ ، فوَ الله لا يَمَلُّ اللهُ حتَّى َتملُّوا »( صحيح البخاري).
وعن أنس بن مالك (رضى الله عنه) قال : دَخَلَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) المسْجد فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بيْنَ السَّارِيَتَيْنِ ، فَقالَ : “ما هذا الحَبْلُ”؟ قالوا : هذا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ ، فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ ، فَقالَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم): (لا، حُلُّوهُ ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ ، فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ) (صحيح البخاري).
​وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: ( فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ) (صحيح البخاري).
​وعَنْ أم المؤمنين السيدة عَائِشَةَ (رَضِيَ الله عَنْهَا) ، قَالَتْ : « مَا خُيِّرَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكن إثْمًا ، فَإِذَا كَانَ الإِثْمُ كَانَ أَبْعَدَهُمَا مِنْهُ »( صحيح البخاري).
فمن رحمة الله (عز وجل) أن شعائر الإسلام قائمة على الطاقة والوسع, حيث يقول الحق سبحانه: { لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (البقرة : 286), ويقول تعالى في شأن الحج:{ولله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (آل عمران : 97) , ويقول سبحانه في شأن الصوم : { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (البقرة : 184), ويقول (عز وجل) : {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}( البقرة : 184) ، قال بعض المفسرين: أي على الذين لا يطيقون الصيام فدية طعام مسكين , وقال بعضهم المراد: على الذين يطيقونه بمشقة بالغة أو غير محتملة , ويقول سبحانه في شأن الإنفاق: { لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ الله لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ الله بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا } (الطلاق : 7)، فالدين قائم على اليسر ورفع الحرج , حيث يقول الحق سبحانه: { يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (البقرة : 185) , ويقول سبحانه: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (الحج : 78)، فمن أدى المتيسّر سقط عنه المتعذر كمن تيمم عند فقد الماء فإنه يكفيه ، ولا تلزمه الإعادة عند وجود الماء ، ومن عجز عن الصلاة قائمًا صلى قاعدًا وسقط عنه القيام المتعذر ، بل إن نبينا (صلى الله عليه وسلم) ليبشر من تعذر عليه ما كان يؤديه من الطاعات بفضل الله (عز وجل) وكرمه في إجراء ثواب ما كان يعمل ، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : (إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا) (صحيح البخاري).
وفي المتاح والمباح سعة بالغة , غير أن بعض الناس دون أن يؤدي المتاح والمباح لا يتعلق إلا بالمتعذَّر , وكأنه يبحث عن شماعة ليعلق عليها تقصيره .

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »