الخاطرة السابعة : تصوم عن الأكل والشرب ولا تصوم عن بذأة اللسان ، للدكتور محمد حرز
خواطر رمضانية: الخاطرة السابعة : تصوم عن الأكل والشرب ولا تصوم عن بذأة اللسان ، للدكتور محمد حرز
لتحميل الخاطرة السابعة : تصوم عن الأكل والشرب ولا تصوم عن بذأة اللسان ، للدكتور محمد حرز.
لتحميل الخاطرة السابعة : تصوم عن الأكل والشرب ولا تصوم عن بذأة اللسان ، للدكتور محمد حرز.
ولقراءة الخاطرة السابعة : تتصوم عن الأكل والشرب ولا تصوم عن بذأة اللسان : كما يلي:
خواطر رمضانية
الخاطرة السابعة : تصوم عن الأكل والشرب ولا تصوم عن بذأة اللسان
الحمد لله القائل في محكم التنزيل ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُون. ﴾(الأنبياء: 43) وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّه, وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ القائلُ( إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي العبد ما حرم عليه” متفق عليه.,فاللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا إلي يوم الدين…. .بعد
فمن العجيب أيها الأخيار أن يصوم المسلم عن الأكل والشرب والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ولا يصوم عن بذأة اللسان …. مالكم كيف تحكمون ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ )) فالصيام صوم الجوارح عن معصية الله وصوم اللسان عن السب واللعن والشتائم .
فاللسان نعمة من نعم الله تبارك وتعالى على الإنسان فهو الترجمان الذى يعبر به عن مستودعات الضمائر, ويخبر عن مكنونات السرائر, وله مهمات كثيرة ومتعددة فأنت تذوق به الطعام لتعرف حلوه من حامضة , وحاره من بارده وأنت تخاطب به الآخرين لتعلم ما يراد منك وما يجب عليك .
لذا كان اللسان آية من آيات الله ونعمة من نعمه فقال تعالى { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ } [سورة الروم (22) لذلك فإن المرء يقاس بلسانه, كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ” الْمَرْءُ بِأَصْغَرَيْهِ : قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ “
لم يقل بماله ولا سلطانه ولا عمله ولا بجسده فهو سبحانه لا ينظر إلى هذا كله كما فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ”
فلا تغرانك الأجساد القوية ولا الأشكال الحسنة فربما يأتي يوم القيامة ولا يزن عند الله جناح بعوضه كما بين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” يُؤتَى يوم القيامة بالرجل السَّمِين، فلا يَزِن عند الله جَنَاح بَعُوضَة” ثم قرأ: { فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا[ الكهف 105
لذا قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما البخاري ومسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ”
وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ { إنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ لَا يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ }
لذلك لما سئل معاذ بن جبل رضي اله عنه أستاذ البشرية r قائلا له إِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَت
فاللسان هو السبب الرئيسي في كب الناس فى النار ولا حول ولا قوة إلا بالله . لذا كانت حقيقة المسلم تظهر أول ما تظهر في لسانه كما فى البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ) بل إن جميع الأعضاء يشعرون بخطورة اللسان فينادونا عليه في كل يوم ويطلبون منه أن يسير على الحق والإرشاد فيقولون له اتَّقِ اللَّهَ فِينَا فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ فَإِنْ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا ,وَإِنْ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا)) وهذا هو الصديق الأكبر يدخل عليه الفاروق عمر يوما كما َفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ دَخَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَهُوَ يَجْبِذُ لِسَانَهُ فَقَالَ عُمَرُ : مَهْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : إنَّ هَذَا أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ . يارب سلم إذا كان هو حال صديق الأمة إذا كان هذا الذي يزن إيمانه إيمان الأمة يقول ذلك فما بالنا نحن وما من يوم يمر علينا إلا ونتحدث في الأعراض الناس بالغيبة والنميمة ونأكل لحوم الناس ولا حول ولا قوة إلا بالله.
بل اللسان سبب من أسباب دخول النار لحديث أبى هريرة قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ فَقَالَ تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ فَقَالَ الْفَمُ وَالْفَرْجُ” فاللسان سبب من أسباب دخول النار والعياذ بالله .لذا قال كما فى البخاري منْ حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ” أي من ضمن لسانه وحافظ عليه وتكلم خيرا ضمن له سيد الخلق وحبيب الحق صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجنة .بل قال سفيان الثوري ” لأن يرمى إنسان بسهم أهون من أن يرمى بلسانك لماذا ؟ فإن السهم قد يخطئه واللسان لا يخطئه “
لذا قال عبد الله بن مسعود: { وَاَلَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ مَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ شَيْءٌ أَحْوَجُ إلَى طُولِ سِجْنٍ ) أَيْ إلَى الْمَوْتِ ( { مِنْ لِسَانٍ } ) لِكِبَرِ جُرْمِهِ مَعَ صِغَرِ حَجْمِهِ وَكَثْرَةِ جِنَايَتِهِ وَصُعُوبَةِ حِفْظِهِ فَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا وَإِنَّ الْجَرِيمَةَ عَلَى قَدْرِ الْجُرْمِ لذا كان يقول يا لسان قل خيرا تنعم واسكت عن شرا تسلم قبل أن تندم” فمهمة اللسان خطيرة يا سادة قال ربنا ” مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ “( [سورة ق: 18]وتلا الحسن البصري { عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ }[ ق: 17 ] فقال يا ابن آدم، بسطت لك صحيفتك ووكل بك ملكان كريمان، أحدهما عن يمينك والآخر عن يسارك فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك، وأما الذي عن يسارك فيحفظ سيئاتك، فاعمل ما شئت، أقلل أو أكثر، حتى إذا مت طويت صحيفتك فجعلت في عنقك معك في قبرك، حتى تخرج يوم القيامة كتابًا تلقاه منشورًا { اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا } [سورة الإسراء آية رقم (14 )لذا يحكى أن عيسى عليه السلام كان يمشى في طريق هو وأصحابه فرأوا خنزير أمامهم فقال عيسى للخنزير اُنْفُذْ بِسَلَامٍ ، فَقِيلَ لَهُ أَتَقُولُ هَذَا لِلْخِنْزِيرِ ؟ فَقَالَ عِيسَى : إنِّي أَكْرَهُ لكن أَخَافُ أَنْ أُعَوِّدَ لِسَانِي النُّطْقَ بِالسُّوءِ .
ولله در القائل :
وَزِنْ الْكَلَامَ إذَا نَطَقْتَ فَإِنَّمَا ***يُبْدِي عُيُوبَ ذَوِي الْعُيُوبِ الْمَنْطِقُ
فاللسان يا سادة قد يرفع صاحبه إلى أعلى عليين , وقد ينزل بصاحبه إلي أسفل سافلين ، بل قد يكون اللسان أطيب ما في الإنسان وقد يكون أخبث ما في الإنسان.
إذا نطق بالكلام الطيب الحق كان أطيب ما في الإنسان, وإذا نطق بالكلام الخبيث كان أخبث ما في الإنسان.
روي أن لقمان الحكيم كان له عبدا حبشيا فقال له سيده ، اذبح لي شاة ، فذبح له شاة ، فقال له : ائتني بأطيب مضغتين فيها ، فأتاه باللسان والقلب ، فقال : أما كان فيها شيء أطيب من هذين ؟ قال : لا ، فسكت عنه ، ثم قال له : اذبح شاة ؛ فذبح له شاة ، فقال له : ألق أخبثا مضغتين ، فرمى باللسان والقلب ، فقال : أمرتك أن تأتيني بأطيبهما ، فأتيتني باللسان والقلب ؟ وأمرتك أن تلقي أخبثهما ، فألقيت اللسان والقلب ؟ فقال : إنه ليس شيء بأطيب منهما إذا طابا وصالح ، ولا أخبث منهما إذا خبثا وفسد »
فاللسان إذا انشغل بذكر الله وانشغل بالقرآن كان أطيب ما في الإنسان, أما إذا انشغل بالغناء وبالخوض في أعراض الناس كان أخبث ما في الإنسان ولا حول ولا قوة إلا بالله
لله در القائل :
احْفَظْ لِسَانَك أَيُّهَا الْإِنْسَانُ *** لَا يَلْدَغَنَّكَ إنَّهُ ثُعْبَانُ
كَمْ فِي الْمَقَابِرِ مِنْ قتيل لِسَانِهِ *** كَانَتْ تَهَابُ لِقَاءَهُ الشُّجْعَانُ
انظروا إلى خطورة اللسان, اللسان هو طريق النجاة وهو طريق الهلاك وهو طريق الهداية وهو طريق الضلال, وهو طريق السعادة وهو طريق الشقاء, وهو طريق الجنة وهو طريق النار فانتبه قبل فوات الأوان. إذاً ما النجاة ؟النجاة كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم (( امسك عليك لسانك فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا النَّجَاةُ قَالَ أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ) قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ
أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ فلا تتكلم إلا خير فإن لم تستطع فعليك بالصمت وعدم الكلام{ لَا تُكْثِرْ الْكَلَامَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْكَلَامِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قَسْوَةُ الْقَلْبِ وَإِنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْ اللَّهِ – تَعَالَى – الْقَلْبُ الْقَاسِي } ولحديث النبي }مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ{ بل قيل لعيسى ابن مريم عليه السلام : دلنا على عمل ندخل به الجنة ؟ قال : لا تنطقوا أبدا . قالوا : لا نستطيع ذلك . قال : فلا تنطقوا إلا بخير ))
فعليك أخي الحبيب إذا تكلمت فلا تتكلم إلا خير وإلا فعلك بالصمت فهو خير لك وأهدي سبيلا وصدق المصطفي صلي الله عليه وسلم إذ يقول كما في الحديث الذي صححه الشيخ الألباني عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ”
واختم بوصية النبي صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك رضي الله عنه عليك بحسن الخلق وطول الصمت ، فو الذي نفسي بيده ، ما تجمل الخلائق بمثلهما… فالصيام مدرسة لتدريب اللسان على كل كلمة طيبة وتدريب اللسان على هجر الفحش في الأقوال فالصيام جنة أي وقاية لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: الصِّيَامُ جُنَّةٌ فلا يَرْفُثْ ولَا يَجْهلْ، وإنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ)).
حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين، وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه د/ محمد حرز
_______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف