التعديل الوزاري: بقاء 27 وزيرًا منهم وزراء المالية والكهرباء والبترول والصناعة والاتصالات
فى الثانية عشرة من ظهر غد، الأحد، يجتمع أعضاء مجلس النواب فى جلسة عامة لمناقشة وإقرار تعديل وزارى محدود بحكومة المهندس شريف إسماعيل، وبينما تتفاوت المؤشرات والمعلومات بشأن الباقين والخارجين من الحكومة، يظل السؤال الأهم متصلا برئيسها، المهندس شريف إسماعيل.
خلال الأسابيع الأخيرة عاد رئيس الوزراء شريف إسماعيل لمصر بعد رحلة علاج فى ألمانيا استمرت عدّة أسابيع، وبحسب مصادر مقربة من رئيس الحكومة، فإنه استعاد عافيته نوعا ما، بشكل يسمح له بالعودة لممارسة مهام منصبه، بينما تشير تكهنات أخرى إلى احتمالية إعفاء الرجل من منصبه، تقديرا لما بذله من جهد، ولحاجته للراحة فى فترة نقاهة بعد رحلة العلاج التى قطعها فى الفترة الماضية، وبين التصورين تتعدد الاحتمالات والسيناريوهات، فماذا عن سيناريوهات التعامل مع شريف إسماعيل فى التعديل الوزارى المرتقب.
السيناريو الأول.. يبقى الوضع على ما هو عليه
على مدى 28 شهرا تقريبا قضاها المهندس شريف إسماعيل رئيسا للحكومة، بدت حالة الانسجام والتناغم بين الرجل التنفيذى الأول ومؤسسة الرئاسة، وبينه وبين وزرائه والعاملين معه، ورغم تعديلين وزاريين سابقين، فى مارس 2016 وفبراير 2017، ظلت مساحة الانسجام داخل بنية الحكومة قائمة وقوية، وهى المساحة التى يرجعها البعض لشخص شريف إسماعيل وقدرته على الحركة والإنجاز فى بيئة هادئة وبشكل بالغ الجدية دون تخلٍّ عن التوافق والتناغم.
هذه القدرة التى يؤكدها كثيرون ممن اقتربوا من شريف إسماعيل أو تابعوا كواليس الحكومة، تُرجح السيناريو الأول ضمن 3 سيناريوهات احتمالية للتعامل مع رئيس الوزراء فى التعديل الوزارى المرتقب، وهو الإبقاء على الرجل فى منصبه، ولكن حال كونه لم يتعَاف بشكل كامل بعد، ويحتاج لفترة نقاهة أطول، فقد يظل الدكتور مصطفى مدبولى فى موقعه كقائم بالأعمال ومُسيّر لأمور مجلس الوزراء، ولكن فى هذه الحالة من المرجح الصعود بـ”مدبولى” إلى منصب نائب رئيس الوزراء بجانب موقع القائم بالأعمال، مع الاحتفاظ بحقيبة الإسكان، أو اختيار وزير جديد لتوليها، خاصة مع أهمية الملفات والمشروعات التى تعمل عليها الوزارة وحاجتها لمتابعة دائمة ومتصلة، ما يُعنى أن هذا السيناريو بشكل ما هو سيناريو “يبقى الوضع على ما هو عليه” ببقاء شريف إسماعيل رئيس لمجلس الوزراء ومصطفى مدبولى مسيّرا لأعمال المجلس.
السيناريو الثانى.. شريف إسماعيل يعود لمقعده بالحكومة
السيناريو الثانى وهو المرجح للتعامل مع رئيس الوزراء شريف إسماعيل، يرتبط بدرجة كبيرة بالمعلومات الصادرة عن مجلس الوزراء ودوائر من المقربين من “إسماعيل”، التى تؤكد تعافى الرجل وعودته لنشاطه بعد اجتيازه بفترة النقاهة، ما يُعنى قدرته على العودة لممارسة مهامه.
وفق هذا السيناريو فإن التشكيل الجديد للحكومة، بعد إقرار التعديل الوزارى المحدود، سينعقد برئاسة شريف إسماعيل، وسيقتصر التعديل المرتقب على عدد من الحقائب الوزارية، أغلب المؤشرات تتجه إلى تراوحها بين 5 و6 حقائب، وفى هذه الحالة قد يظل الدكتور مصطفى مدبولى وزيرا للإسكان والمرافق كما كان قبل مرض “إسماعيل”، أو يُصبح نائبا لرئيس الوزراء بجانب حقيبة الإسكان، فى إطار تقدير ما قام به فى الفترة الماضية وما أثبته من قدرة على التصدى الجاد لملفات الحكومة على تنوعها وتشابكها بين الوزارات والجهات المختلفة.
السيناريو الثالث.. شريف إسماعيل يودع الحكومة
آخر السيناريوهات، وليس أقلها حظا، أن تكون الحالة الصحية للمهندس شريف إسماعيل، ورغم استقرارها، تتطلب قدرا أكبر من النقاهة والراحة، أو يميل الرجل نفسه إلى الحصول على مساحة من الهدوء بعيدا عن أعباء المسؤولية السياسية والتنفيذية، وفى هذه الحالة قد يغادر الحكومة تاركا المنصب لوجه جديد.
فى هذا السيناريو لن يكون الخروج مرتبطا بسوء الأداء أو أى ملاحظات فنية أو سياسية على شريف إسماعيل، فى ضوء تقدير مؤسسة الرئاسة ومجلس النواب الكبير له، ولكن فى أصدق التفسيرات سيكون استجابة من القيادة السياسية لرغبة شريف إسماعيل نفسه فى الراحة بعد 28 شهرا مشحونة من الحركة والعمل والأعباء، وفى هذه الحالة قد يحل الدكتور مصطفى مدبولى محل “إسماعيل” ويؤدى اليمين رئيسا جديدا للوزراء، أو يظل “مدبولى” فى موقعه وزيرا للإسكان مع اختيار وجه آخر، من داخل الحكومة أو خارجها، ليكون رئيس للوزراء خلفا لشريف إسماعيل.
بورصة الحكومة.. أبرز الوزراء الباقين فى مناصبهم
بحسب المتواتر عبر مصادر مطلعة بالحكومة ومجلس النواب، من المرجح أن يشمل التعديل الوزارى المرتقب إعلانه خلال ساعات بين 5 و6 حقائب وزارية، من المجموعة الاقتصادية والقطاع الخدمى، ما يعنى بقاء بين 27 و28 وزيرا فى مواقعهم، وهم الذين لم تُسجل ملاحظات على أدائهم واضطلاعهم بالملفات الخاصة بوزاراتهم.
التعديل الجديد يشمل المجموعة الاقتصادية والخدمية فقط، فى ضوء تقييم أداء عدد من الوزراء فى حقائبهم والملفات الموكلة لهم، ولكن أغلبية هذه المجموعة أنجزت خطوات جادة فى إطار رؤية الدولة للأوضاع الاقتصادية وخريطة الإصلاح وإعادة هيكلة الاقتصاد، فى ضوء الحفاظ على معدلات التنمية ودفعها تصاعديا، وأيضا الاهتمام بالفئات الأولى بالرعاية، وفى ضوء هذا النجاح النسبى فإن أبرز الوجوه المضمون بقاؤها فى مناصبها وعدم خروجها فى التعديل المنتظر إعلانه غدا، وزراء: المالية عمرو الجارحى، والكهرباء محمد شاكر، والبترول طارق الملا، والصناعة طارق قابيل، والاتصالات ياسر القاضى، والتموين على المصيلحى.
المبشرون بالخروج.. وزارات فى مرمى التعديل
الملفات المثارة خلال الفترة الأخيرة قد توفر إشارات بشأن الوزارات المتوقع أن يشملها التعديل الوزارى المحدود، خاصة فى ضوء المعركة المصيرية التى تخوضها مصر مع الإرهاب وتأكيد القيادة السياسية أكثر من مرة أنها معركة ثقافة وتنوير، وأيضا السعى لاستعادة موقع مصر ضمن خريطة الجذب السياحى وتوقيع اتفاق استئناف الطيران مع روسيا، والعمل على هيكلة شركات القطاع العام وزيادة إسهامها فى منظومة النمو الاقتصادى، والعمل على تطوير قطاع التعليم وتحسين مخرجاته وربطها بسوق العمل، واستعداد مجلس النواب لإصدار قانون المحليات الجديد تمهيدا لعقد انتخابات المجالس المحلية خلال شهور.
من هذه العناوين العريضة إلى المعلومات المتاحة، فبحسب مصادر من المتوقع أن يشمل التعديل الوزارى بين 5 و6 حقائب، ليكون أبرز الخارجين من الحكومة، أو المبشرين بالخروج حتى الآن وإلى أن يعتمد مجلس النواب التعديل غدا، هم وزراء: التنمية المحلية هشام الشريف، والثقافة حلمى النمنم، والسياحة يحيى راشد، والتعليم العالى خالد عبد الغفار، وقطاع الأعمال العام أشرف الشرقاوى، ويظل موقف وزير البيئة خالد فهمى متأرجحا بين احتمالات البقاء والخروج من الحكومة.
كيف يتعامل مجلس النواب مع شريف إسماعيل حال بقائه؟
إذا تجاوزنا المتاح من المعلومات بشأن التعديل الوزارى المرتقب، وعدد الحقائب التى يشملها التعديل، وبورصة الباقين والخارجين من مجلس الوزراء، يظل السؤال الأهم والأخير مرتبطا برئيس مجلس الوزراء شريف إسماعيل، كما كان السؤال الأول مرتبطا به أيضا.
ضمن السيناريوهات المتاحة للتعامل مع رئيس الوزراء، سيناريوهان يخرجان به من الحكومة أو يُبقيان الأوضاع قائمة بصيغتها الحالية، وحال تحقق أى منهما لن يختلف الأمر كثيرا، ولكن السيناريو الثالث الذى يشير إلى تعافى “إسماعيل” بدرجة تسمح بعودته لممارسة مهام منصبه من موقعه فى مجلس الوزراء، مع استمرار فترة نقاهته، تفتح بابا للتساؤل عن حدود الحالة الصحية لرئيس الوزراء، وكيف يمكن أن يتعامل مع الوزراء والمعاونين والمؤسسات الأخرى المرتبطة بالحكومة بشكل مباشر.
رغم خريطة عمل رئيس الحكومة المعقدة، بحكم مهامه ومسؤولياته العديدة، يظل الجانب الأبرز والأكثر سخونة فى هذه الدوائر مرتبطا بعلاقة الحكومة بالسلطة التشريعية والرقابية، أو علاقة رئيس الحكومة بمجلس النواب ورئيسه وهيئة مكتبه ولجانه ونوابه، وحال عودة شريف إسماعيل لأداء مهام عمله مع استمرار فترة نقاهته، فهل تشهد الفترة المقبلة هدوءا واستقرارا فى علاقة الحكومة بالنواب؟
فى الفترات الماضية شهدت علاقة النواب ببعض الوزراء تجاذبات وتوترات، ربما يكون بعضها سببا فى الإطاحة بعدد من الخارجين فى التعديل، ممن لم يواظبوا على حضور جلسات المجلس واجتماعات اللجان، أو لم يوفروا ردودا وإجابات مقنعة للنواب، ولكن رغم هذا فمن المؤكد أن الحالة الصحية لرئيس الوزراء العائد من رحلة العلاج ستكون محل تقدير من النواب، وهنا يُثار سؤال ثانٍ حول مدى الأثر الذى يمكن أن يُحدثه هذا التقدير، وهل يسمح بتلطيف الأجواء بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، خاصة أن الحكومة الحالية يتبقى لها أقل من 5 شهور، وبحسب الدستور فإن عليها الاستقالة عقب الانتخابات الرئاسية المقبلة، أم يواصل النواب أداءهم السياسى بالكيفية نفسها، وبقدر من التركيز الزائد خصوصا مع الوجوه الجديدة والحقائب التى تشهد تغييرا؟
بين الاحتمالين القائمين لتقدير النواب لحالة رئيس الوزراء، ورحلة مرضه وعلاجه، وسابق ما قدمه من جهد، ينفتح القوس على احتمالات عديدة لشكل الأداء البرلمانى والتنفيذى خلال الفترة المقبلة، خاصة فى ضوء تصدى وزراء جدد لملفات بالغة الأهمية فى التعليم والبيئة والثقافة والسياحة والمحليات وقطاع الأعمال العام، بالتزامن مع انتخابات رئاسية تنطلق بعد شهرين، ما يُعنى أن التعديل المحدود الذى يناقشه مجلس النواب غدا، ليس تعديلا محدودا، وإن كانت هذه التسمية توصيفا موضوعيا له، ولكن سيكون له أثر كبير سينعكس على عدد من الملفات الخدمية والاقتصادية، وعلى أداء رئاسة الوزراء، وأيضا على أداء البرلمان ونوابه.