اجتمع القطاع الديني بوزارة الأوقاف وتدارس الظروف التي تمر بها منطقتنا العربية وما أصابها جراء الاستغلال السياسي للدين والمتاجرة به ، وأصدر البيان التالي:
لقد عانت مجتمعاتنا العربية والمسلمة من إقحام اسم الإسلام عنوة في مجالات وتجارب هي قابلة للخطأ والصواب والفشل والنجاح ، مما يجعل خطأها وفشلها محمولين على الإسلام حملا يبوء بإثمه من فعل ذلك عن غفلة أو متاجرة بالدين ، والغفلة هنا كالمتاجرة في المآلات والنتائج ، حتى وجدنا كثيرًا من أصحاب الصناعات والتجارات يطلقون عليها صفات إسلامية تشعر بدين وأمانة صاحب السلعة ، وقد يكون الواقع غير ذلك أو على النقيض منه ، كمن يُطلق على محله مثلا اسم الأمانة ثم يغش الناس تحت خداع المسمى ، وكما تجد من يستخدم النص القرآني استخداما خاطئا يتنافى مع قدسية النص القرآني وتنزيهه عن المتاجرة به أو استخدامه في غير ما أُنزلَ له ، كأن تجد حلاقا يكتب على واجهة صالون حلاقته ” وجوه يومئذ ناعمة ” ، وبائعًا لشراب الشعير أو العرقسوس يكتب على وعاء مشروبه “وسقاهم ربهم شرابا طهورا ” ، أو محلا للعصير يعلق بعض الفواكه ويكتب فوقها “قطوفها دانية” ، ناهيك عن عناوين : الصدق ، والأمانة ، والإسلام ، والإيمان .
والأدهى و الأمرّ ما تتخذه الجماعات الإرهابية والتكفيرية من مسميات خادعة للإيقاع بالغُفّل السُذّج أو أصحاب الحماس العاطفي من الجهلة بأحكام الشريعة وصحيح الدين في براثنها الشريرة.
ومن ذلك ما ابتلينا به من مسميات : أنصار الشريعة ، وجند الله ، وأنصار بيت المقدس ، والدولة الإسلامية في الشام والعراق ، وهم أعداء للشريعة ، ولبيت المقدس ، وجند للشيطان ، أما تنظيم داعش الإرهابي ، فلا هو دولة ولا هي إسلامية ، وإنما ينبغي أن يقال تنظيم القاعدة الإرهابي بالشام والعراق ، ونحو ذلك مما يطابق الواقع ، وقد أكدنا في أكثر من موقف سابق – وأكدت دار الإفتاء المصرية – على عدم الوقوع في شرك هذه المسميات ، لأن بعض الشباب قد ينجذب إلى هذه الجماعات تحت خداع المسمى ، ومن ثمة نطالب جميع وسائل الإعلام بمراعاة ذلك في حديثها عن تلك التنظيمات الإرهابية .
كما تناشد وزارة الأوقاف الأحزاب والجماعات والجمعيات التي تسمي نفسها بمسميات توحي بخصوصية إسلامية : كالجمعية الشرعية ، وأنصار السنة ، ودعوة الحق ، وما شاكل ذلك أو شابهه إعادة النظر في التسمية بما يعبر عن نشاطها الاجتماعي أو التنموي أو الحقوقي ، أو السياسي بالنسبة للأحزاب السياسية ، بعيدا عن الدلالات التي تحمل تمييزا شرعيا قد يسهم في الفرقة لا في الوحدة ، وحتى لا تُحمل بعض أخطائنا سواء أكانت فردية أم جماعية على إسلامنا السمح العظيم ، الذي لم يعد يحتمل أي أخطاء أخرى .
ويكفينا شرفًا أن نكون جميعًا مسلمين فحسب ، بعيدًا عن أي مصطلحات توحي بالتمييز الديني لبعض أفراد المجتمع على بعض ، وكأن هذا شرعي وما سواه غير شرعي ، أو هؤلاء أهل دعوة الحق وغيرهم أهل دعوة الباطل .
وكذلك ينبغي أن نتجنب إطلاق المصطلحات التي تعظم أشخاصًا وتضفي عليهم هالة من التمجيد الديني بلا حق أو بلا مبرر ، حيث كثُرت ألقاب : خليفة المسلمين ، وأمير المؤمنين ، والعالم الرباني ، وإمام أهل السنة والجماعة ، وحامي حمى الإسلام ، وأخيرا ما يسمى باتحاد علماء الأزهر الأحرار ، على رؤساء جماعات وجمعيات ، افتئاتا على الله وعلى الناس ، مما أضر بالخطاب الديني ، وشوه كثيرًا من صورة الإسلام في الداخل والخارج ، مما يتطلب مراجعة عاجلة وتصحيحا لما اختل من الأوضاع إن كنّا مازلنا نحرص على مرضاة ربنا ، ومصلحة ديننا وأوطاننا ، ونسأل الله ألا يكون هوى النفس أو المكابرة عائقا لهذا التصحيح .