الأوقاف
الأوقاف بأسيوط تعلن عن انعقاد (150) مجلس العلم والذكر تحت عنوان: ” القمار الالكتروني..صوره ومخاطره”
بتوجيهات كريمة من معالي الأستاذ الدكتور أسامة السيد الأزهري، وزير الأوقاف، وبرعاية الدكتور محمود سعد شاهين، وكيل وزارة الأوقاف بأسيوط، وبإشراف الشيخ محمد عبد اللطيف محمود، مدير عام الدعوة والمراكز الثقافية بالمديرية، شهدت مساجد مديرية أوقاف أسيوط نشاطًا مكثفًا في تنظيم مجالس العلم والذكر، حيث أُلقيت الدروس والمحاضرات التوعوية بهدف تعزيز الوعي الديني والأخلاقي في المجتمع، وتناول أحد أهم المواضيع الملحة في العصر الحديث وهو “القمار الإلكتروني.. صوره ومخاطره من منظور ديني وشرعي”.
في ظل التقدم التكنولوجي السريع وانتشار الإنترنت، أصبحت ظاهرة القمار الإلكتروني مصدر قلق كبير. لم يعد القمار مقتصرًا على الأماكن المخصصة للكازينوهات، بل انتقل إلى الهواتف المحمولة وأجهزة الحاسوب، حيث يمكن لأي شخص الدخول إلى مواقع المراهنات بسهولة، مما يفتح الباب أمام الكثيرين للوقوع في هذا الفخ الخطير. وتعتمد هذه الألعاب على خداع الأشخاص وإغرائهم بالجوائز المالية الكبيرة، مما يجعلهم ينغمسون في الرهان دون وعي بالعواقب الوخيمة.
من المنظور الديني، يعد القمار من المحرمات الكبرى التي ورد النهي عنها في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. فقد قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” (المائدة: 90). في هذه الآية الكريمة، يُبيّن الله تعالى أن الميسر، وهو القمار، يعتبر من الأعمال الشيطانية التي تؤدي إلى الفساد، ولذلك أمر المؤمنين بالابتعاد عنه لتحقيق الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة.
وتجدر الإشارة إلى أن القمار الإلكتروني يحمل في طياته مخاطر عديدة تهدد الأفراد والعائلات. فإدمان القمار قد يؤدي إلى خسائر مالية ضخمة قد تصل إلى حد الإفلاس، ويؤدي ذلك إلى تفكك الأسرة واندلاع المشكلات الزوجية. علاوة على ذلك، يدفع هذا النوع من الإدمان الأفراد إلى الانعزال والانخراط في دوامة من القلق والتوتر، مما يؤثر سلبًا على صحتهم النفسية والجسدية.
وعن الأضرار الاجتماعية للقمار الإلكتروني، فإن انتشار هذه الظاهرة يساهم في تفشي الفساد المالي وزيادة معدلات الجريمة، حيث يلجأ البعض إلى السرقة أو الاحتيال لتغطية خسائرهم الكبيرة. وهذا يتعارض مع التعاليم الإسلامية التي تحث على كسب المال بالحلال والابتعاد عن الطرق غير المشروعة. وقد جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: “من قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق” (رواه البخاري ومسلم). ويظهر من هذا الحديث مدى خطورة القمار، حيث يدعو النبي صلى الله عليه وسلم إلى التصدق بدلاً من الانغماس في المقامرة.
كما أن الإسلام يحرص على حماية المجتمع من كافة الأفعال التي تُضعف القيم الأخلاقية وتؤدي إلى الفساد. وقد حذر العلماء من مخاطر القمار الإلكتروني، مؤكدين أنه يُعد من أكل أموال الناس بالباطل، وهو ما نهى عنه القرآن الكريم في قوله تعالى: “وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ” (البقرة: 188).
ولذلك، أكدت وزارة الأوقاف، من خلال الدروس والمحاضرات التي تُعقد في مساجد أسيوط، على ضرورة نشر الوعي بمخاطر القمار الإلكتروني وحث الأفراد على الابتعاد عن هذه الظاهرة المدمرة. كما دعت الوزارة إلى تعزيز القيم الدينية والأخلاقية، وحث الشباب على استثمار أوقاتهم في ما ينفعهم ويعود بالنفع على المجتمع، من خلال المشاركة في الأنشطة الثقافية والدينية، وتعلم المهارات الجديدة التي تساهم في بناء شخصياتهم وتطوير قدراتهم.
وقد تطرق الأئمة والخطباء في هذه المجالس إلى أهمية العمل والجد في تحصيل الرزق الحلال، وضرورة الابتعاد عن الطرق التي تعتمد على الحظ والمخاطرة. وقد أُشيد بجهود الوزارة في تنظيم هذه المحاضرات التي تُعتبر جزءًا من حملات التوعية الدينية التي تستهدف نشر الثقافة الإسلامية السليمة والحد من انتشار الظواهر السلبية التي تُهدد أمن المجتمع واستقراره.
وفي الختام، يبقى الحل الأمثل لمواجهة ظاهرة القمار الإلكتروني هو التمسك بتعاليم الإسلام التي تدعو إلى العمل الجاد والرزق الحلال، والابتعاد عن كل ما يُفسد حياة الإنسان ويُبعده عن طريق الحق. إن التوعية الدينية المستمرة وتضافر الجهود بين المؤسسات الدينية والاجتماعية تُعتبر أساسًا قويًا لحماية الأفراد من الوقوع في فخ القمار الإلكتروني، وضمان بناء مجتمع قوي ومستقر قائم على القيم والمبادئ الإسلامية الصحيحة.
إتبعنا