نشر الأزهر الشريف علي موقعه الرسمي عن أسباب اختيار المذهب الأشعري لمناهج الأزهر، وذلك عن طريق محاضرة
أكد الاستاذ الدكتور يسري جعفر، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر بالقاهرة، ونائب رئيس مركز الفكر الأشعري، أن هناك أسباب متعددة، أهمها اتساع المذهب ليشمل الجميع دون تكفير أو إقصاء لأحد حتى المخالفين، وهو ما جعل الأزهر الشريف يختار المذهب الأشعري والطريقة الماتوردية اللذان يشكلان مذهب أهل السنة والجماعة.
جاء ذلك خلال المحاضرة الأولى ضمن سلسلة المحاضرات التي ينظمها مركز الفكر الأشعري التابع للأزهر الشريف، للطلبة الوافدين بمدينة البعوث الإسلامية، مساء أمس الأربعاء 7 مارس، بحضور كثيف من جانب الطلاب والطالبات، الذين أبدوا إعجابهم بالمحاضرة، مطالبين بتكرارها مرة أخرى.
وعدد جعفر الأسباب التي دفعت الأزهر الشريف لاختيار المذهب الأشعري والماتوردي، لمناهجه المختلفة، بالمعاهد الأزهرية، ولكليات العقيدة وأصول الدين…
وقال جعفر إن السبب الأول لاختيار المنهج الأشعري؛ أن ابو الحسن الاشعري تربي في كنف المعتزلة لمدة ثلاثين عام، وبعدها ترك المعتزلة وانضم لأهل السنة والجماعة، ليضع قواعد جديدة تحمي مذهبه، مشيرًا إلى أن الله صنع هذا المذهب على عينه لخدمة لهذه الأمة.
فهذا الرجل دخل المعتزلة ليتعلم منهم العقيدة، ثم علم أن العقل وحده لا يفيد، فتركهم، واخذ ينظر وتعلم على يد أبو محمد، عبدالله بن كُلّاب، ونظم المذهب على منهاج هذا الرجل، حيث أكد أن العقائد تُبنى على النص والعقل، ولكن العقل يخدم النص، فالأدلة من النص يخدمها العقل، فالاشعري اتبع منهج السلف ولم يحدّث كما أدعى البعض، ولم يبتدع أمرًا جديدًا، ولكنه جمع اقوال صحابة والتابعين وأصّل لها بالأدلة النقدية والعقلية.
أما السبب الثاني، فهو أن الإمام الاشعري لم يكفر أحدًا حتى من خالفوه في الرأي، حتى أنه قال في بداية أشهر كتبه “مقالات الإسلامين واختلاف المصلين”، لا نكفر أحد من أهل القبلة، على عكس الخوارج والشيعة والمعتزلة، وهو ما أثنى عليه علماء الأمة.
والأزهر بدوره يعلم ابناءه الا يكفروا احد، فهو يغلق باب التكفير حتى لا تنفتح ابواب الجحيم وتراق الدماء، وهو ما لا يعلمه البعض الذين يطالبون الأزهر بتكفير داعش.
السبب الثالث: أن هذا المذهب تتسع دائرته، فالشافعية والحنفية وفضائل الحنابلة، على مذهب الاشاعرة والماتوردية وفقهاء الأمة وعلمائها؛ مثل فخر الدين الرازي وفي عصر المتأخرين مثل جلال الدين السيوطي، وأبو بكر الباقلاني، وإمام الحرمين أبو المعالي الجويني وغيرهم، كلهم من الاشاعرة، الذين كتبوا في مختلف العلوم، مثل علم النفس والتربية والحديث والصوفية والحب الآلهي.
السبب الرابع: أن هذا المذهب استمر على مر العصور مع مراعاة الظروف والمتغيرات، مثل المذهب الشافعي الذي غير مذهبه بين العراق ومصر، فتغير المذهب بين أبو بكر الباقلاني قديما وأبو حامد الغزالي حديثا، ولكنهم في مختلف الأحوال خدموا القران والسنة.
السبب الخامس: أن العقيدة الأشعرية، تبدو بسيطة للعوام، وتوافق الفطرة السليمة، فهي تتحدث بلغة بسيطة يفهمها الجميع.
السبب السادس: أن المذهب الأشعري يجمع بين النقل والعقل، فلا يطغي أحدهما على الآخر، وهو النهج العام لأهل السنة والجماعة.
وأكد جعفر في محاضرته أنه لا فارق كبير بين مذهبي الماتوردية والأشعرية، والاثنان يمثلان مذهب أهل السنة والجماعة ويعبران عن وسطية الإسلام وسماحته، مشيرًا إلى أن الجميع أدرك الآن قيمة الأزهر ووسطيته، وجاءوا إليه باعتباره قبلة العلماء، وكعبة العلم.
جدير بالذكر أن المركز الأشعري يقوم على محورين؛ الأول علمي يعتمد على الدراسات، والثاني للتعريف بالمذهب للوعاظ وللمتخصصين، ويضم بين أجنحته؛ قسم للتواصل، وقسم للدعوة، وقسم لمتابعة المناهج، وقسم متخصص في الأبحاث، يسعى لانشاء مكتبة بديلة عن المكتبة الوقفية التي حذفت كتب المُتكلمين، مقابل كتب معينة، و هو ما يعتبر خيانة للعلم والعلماء.