الأزهر يبرز إنجازات مشيخة الأزهر في ذكري تولي الطيب المشيخة
الأزهر يبرز إنجازات مشيخة الأزهر في ذكري تولي الطيب المشيخة
أيام قليلة وتحلّ الذكرى التاسعة لتَوَلّي فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، قيادة المؤسسة الدينية الكبرى في العالم الإسلامي، في التاسعَ عشرَ من مارس 2010، وخلال هذه الأعوام التسعة شهدت المؤسسة الأزهرية تطوُّرًا مؤسّسيًّا غيرَ مسبوق، حيث سعى الإمام الطيب، منذ أن كان رئيسًا لجامعة الأزهر، بشكلٍ دءوب لتحويل الأفكار إلى هيئاتٍ حديثة متطورة؛ بما يضمن لها الاستدامة والاستمرارية، متجنّبًا بذلك “حماس” البدايات الذي يعقبه خمول أو دخول الفكرة غَياهِبَ النسيان، مع تَوالي الأحداث وتراكم القضايا.
وقد استهدفت هذه المؤسسات المُستحدَثة ترسيخَ المنهج الأزهري الوسطي، والوُلوج إلى مجالاتٍ وميادينَ غيرِ مطروقة، والسعي للوصول إلى أكبرِ شريحةٍ من البشر عبر العالم؛ انطلاقًا من رسالة الأزهر العالمية، وكونه المؤتمَنَ على تبليغ تعاليم الإسلام السمحة، وفقًا لمنهجٍ وسطيّ معتدل؛ وهو ما جعله قِبلةَ طلاب العلم الشرعي من كافّة أرجاء العالم.
ومن أبرز هذه المؤسسات:
بيت العائلة المصرية
إدراكًا من فضيلة الإمام الأكبر لقوّةِ العَلاقةِ التاريخيّةِ بين جناحيِ الوطنِ مُسلميه ومسيحيِّيه، ولقطع الطريق على أيّ محاولةٍ للعبث أو تعكير صَفو تلك العَلاقة؛ طرَح فضيلتُه فكرةَ إنشاء هيئةٍ وطنيّة مستقلة باسم: “بيت العائلة المصرية”، وذلك في عام 2011، بالتعاون مع قداسة البابا/ شنودة الثالث، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية الراحل، حيث يجمع بيتُ العائلة المصرية: الأزهرَ الشريف والكنيسةَ القبطية الأرثوذكسية، والكنيسة القبطية الكاثوليكية، والكنيسة القبطية الإنجيلية، والكنيسة الأسقفية الإنجليكانية.
وقد ساهم بيت العائلة المصرية – ولا يزال – برئاسة فضيلة الإمام الأكبر وقداسة البابا/ تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية الحاليّ، في الحفاظ على نسيج الأمة المصرية، والتأكيد على مبدأ المواطنة وإعلاء قيمة الوطن، كما نجح في احتواء العديد من المشاكل التي تُثار من وقتٍ لآخَرَ بين مسلمين ومسيحيين، ومِن ثَمَّ قطْع الطريق على مَن يحاولون الوقيعة بين أبناء الوطن.
وفي أكتوبر 2017، وقَّع الدكتور/ محمود حمدي زقزوق، أمينُ عامّ بيت العائلة، والسفيرة/ نبيلة مكرم، وزير الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، بروتوكولَ تعاونٍ لنشر مبادرة “بيت العائلة المصرية”، بين أبناء الجاليات المصرية في الخارج؛ ليصبحَ بمنزلة “مِظَلَّةٍ وطنية” تجمع المصريين في الخارج، على اختلاف مَشارِبهم تحت سقفها. وقد تُوِّج “بيت العائلة” بجائزة الإمام “الحسن بن على” للسلم الدولي، التي يمنحها “منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة” بدولة الإمارات؛ نظرًا لدَوره الكبير في ترسيخ قيَم العَيش المُشترَك والمواطنة.
بيت الزكاة والصدقات المصري
انطلاقًا من الدَّور الاجتماعي لمؤسسة الأزهر الشريف، أَشْرَفَ فضيلة الإمام الأكبر على إعداد مشروع قانونٍ لإنشاء بيتٍ مستقلّ للزكاة؛ ليكونَ مصدرَ ثقةِ المواطنين المتبرّعين ودافعي الزكاة، وإيصال الأموال لمستحقيها بكفاءةٍ وفاعلية، حسب أحكام الشريعة الإسلامية.
وفي التاسع من سبتمبر من العام 2014م، صدر القانون رقْم (123) لسنة 2014 بإنشاء “بيت الزكاة والصدقات المصري”، تحت إشراف شيخ الأزهر؛ بهدف صرف أموال الزكاة في وُجوهها المُقَرَّرة شرعًا، ولبَثّ رُوح التكافل والتراحم بين أفراد المجتمع. وحدّد القانونُ مواردَ “البَيت”، ومنها على وَجه الخصوص:
أموال الزكاة التي تُقَدَّم طَوعًا من الأفراد أو غيرهم، وكذلك الصدقات والتبرعات والهِبات والوَصايا والإعانات التي يتلقّاها “البَيت”، ويقبلها مجلسُ أمنائه.
وقد تَوَسَّعَ دَور بيت الزكاة وحجم الأعمال التي يتلقّاها في السنوات الأخيرة، حيث يتمّ توزيع مساعداتٍ شهرية على أكثرَ من 80 ألفًا من المحتاجين، كما كان للبيت دورٌ فاعلٌ في رفع وَعي المواطنين بأهمية فضل فريضة الزكاة في تحقيق التنمية، فضلًا عن: دعمه للعديد من المشروعات القَوميّة التي تستهدف الفقراء والمحتاجين ومستحقي الزكاة.
مجلس حكماء المسلمين قاده الإمام الأكبر.
مع عددٍ من خيرة علماء الأمة وحكمائها، مبادرةَ تأسيسِ مجلسٍ لحُكماء المسلمين، يكون بمنزلة هَيئةٍ دوليّةٍ مستقلةٍ، تَهدف إلى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وترسيخ قيَم الحوار والتسامح واحترام الآخَر، وتَجَنُّب عوامل الصراع والانقسام والتشرذُم، وبالفعل:
تمّ إنشاء المجلس في الحادي والعشرين من رمضان من العام 1435هـ، الموافق التاسعَ عشرَ من يوليو من العام 2014م؛ ليَضُمَّ ثُلَّةً من علماء الأمة الإسلامية، ممّن يَتّسمون بالحكمة والعدالة والاستقلال والوسطية.
ويُعَدّ “المجلسُ” أوّلَ كِيانٍ مؤسّسي يهدف إلى توحيد جهود لَمّ شمْل الأمة الإسلامية، إضافةً لإطلاق مشروع “قوافل السلام”؛ بهدف تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام، وتخفيف حِدّة التوتر الديني الذي يحيط بكثيرٍ من المجتمعات المسلمة، ومحاربة “الإسلاموفوبيا”. وقد تَصَدّى “المجلس” للعديد من القضايا المُلِحّة التي تشغل الأمة الإسلامية مثل: خطر الإرهاب والفكر المتطرف، كما أَوْلى اهتمامًا بالغًا بالقضية الفلسطينية وقضية مسلمي الروهينجا، فضلًا عن: قضايا الحوار بين الشرق والغرب والسلام العالمي.
مركز الأزهر العالميّ للرصد والفتوى الإلكترونية والترجمة
في إطار الحرص على محاربة الأفكار الهدّامة والمتطرفة التي تُشَوِّه صورة الإسلام، ومواجهة الفتاوي الشاذة وتفنيدها وضبط فَوضى الفتاوي في العالم الإسلامي؛ جاء قرار “الإمام الطيب” بإنشاء “مركز الأزهر العالميّ للرصد والفتوى الإلكترونية والترجمة”؛ ليقومَ “المركز” بأَذرُعه الثلاث؛ مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، ومركز الأزهر للفتوى الإلكترونية، ومركز الأزهر للترجمة، بدَورٍ عالميّ فَعّال في مكافحة الإرهاب والتطرف، وذلك في إطار منظومةٍ متكاملة ومتشابكة، يبدؤها “المرصد” من خلال متابعة وتحليل وتفنيد شبهات الجماعات المتطرفة ومواكبة القضايا المرتبطة بالإسلام والمسلمين عبر العالم، مثل:
الإسلاموفوبيا، واللجوء، وتَنامي اليمين المتطرف، فيما يقوم مركز الفتوى الإلكترونية بإعداد الردود الشرعية وتَوضيح حقيقة التعاليم الإسلامية السمحة، والتفاعل مع احتياجات جمهور الفضاء الإلكتروني فيما يتعلق بالفتوى والعِلم الشرعي، بينما يَتَوَلّى مركزُ الأزهر للترجمة تزويدَ غير الناطقين بالعربية، والمتعطّشين للتعرُّف على الوَجه الحقيقي للإسلام، بنُخبةٍ من أبرز الكتب والمؤلفات، المترجمة إلى ثلاثَ عشرةَ لغةً عالمية، والتي تُبرِز رسالةَ الإسلام العالمية وشريعته المنفتحة على كل ما يخدم خير البشرية.
ولقد حقّق “المركز” نجاحاتٍ كبيرةً في مجال الملاحقة الإلكترونية للأفكار الضالة التي تَبُثّها جماعات التطرف والإرهاب، ومحاربة الإسلاموفوبيا، وتصحيح صورة الإسلام في العالم.
إضافةً لدَوره في ضبط الفتاوي الشرعية
وابتكار طُرُقٍ وأساليبَ غيرِ نمطيّةٍ في التواصل مع الجمهور. شعبة العلوم الإسلامية تُعَدّ شعبة العلوم الإسلامية من أولى المبادرات التي اتخذها فضيلة الإمام الأكبر، عقب تَوَلّيه مشيخة الأزهر، انطلاقًا من قاعدةٍ مُفادها: أن تطوير الأزهر الشريف لا يستقيم إلا بإصلاح العملية التعليمية إصلاحًا شاملًا؛ ولذا حرَص فضيلته على اصطفاء نخبةٍ من طلاب الأزهر المتميّزين الذين يفهمون مسائل العلوم الشرعية فهمًا صحيحًا؛ للالتحاق بتلك الشعبة.
وبدأت الفكرة في عام 2010 بشكلٍ تجريبي، في عَشْر محافظات، عبر استحداث شعبةٍ جديدة بالمرحلة الثانوية تحت اسم: “الشعبة الإسلامية”، بجانب شعبتَي: “الأدبي” و”العلمي”، على أن يتمَّ اختيار طلاب “الشعبة” عقب اجتياز اختباراتٍ خاصّة، والاهتمام بتعليمهم اللغاتِ الأجنبيةَ،؛ ليكونوا نَواةً لجيلٍ أزهريٍّ على مستوًى عالٍ من الكفاءة والجاهزيّة، مؤهَّلٍ للالتحاق بالكليات الشرعية.
وفي إطار اهتمام “الإمام الطيب” بالشعبة وطلابها؛ تمّ إنشاء معهد العلوم الإسلامية، على مساحة 18 ألف مترٍ مُرَبَّعٍ في مدينة القاهرة الجديدة، وهو يستوعب 1200 طالب، ويضمّ: عيادةً صحية، وأخرى نفسية، و42 فصلًا دراسيًّا، كما تمّ تزويد المجمع بوسائلَ تعليميةٍ متقدّمة، وقاعاتٍ دراسية مُجَهَّزة، إضافةً إلى:
سكنٍ داخليّ للطلاب، يَضُمّ غُرَف إقامة، ومطاعم، وملاعب، فضلًا عن: انتقاء هيئةِ تدريسٍ على أعلى مستوى، ومناهجَ متطوّرةٍ ومتميّزةٍ. لجنة المصالحات العُليا إيمانًا من “الإمام الطيب” بدَور الأزهر الشريف في تحقيق وَحدة الصف ولَمّ الشَّمل، ونَبذ الفُرقَة والخلاف، ليس فقط بين أبناء المجتمع المصري، وإنما في مُختلِف المجتمعات التي تعاني من انقساماتٍ داخليّة وحروبٍ أهلية؛ أصدر فضيلتُه توجيهاتِه بإنشاء “لجنةٍ للمُصالَحات” بالأزهر، في عام 2014م، بحيث يكون نشاطُها داخلَ مصرَ وخارجَها؛ من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار وصيانة النفس والدم، وذلك إعمالًا لمَقاصِد الشريعة الإسلامية العُليا.
وقرّر فضيلته بأن يكون للجنة الحقُّ في الاستعانة بمَن تراه من المثقفين والسياسيين ووُجهاء البلدة محلِّ النزاع، ممّن يتمتّعون بالسُّمعة الطَّيِّبة والسيرة الحسنة، ويقوم الأزهر بإرسال خيرة علمائه من أصحاب الحضور والقَبول عند الناس؛ لتَسهُلَ بهم عمليةُ الصلح ووأد الفتنة في مهدها، على أن تكون قراراتُها مُلزِمَةً للجميع، بما لا يتعارض مع القانون، وقد نجحت اللجنة في إتمام مُصالَحاتٍ عِدّة في رُبوع مصرَ، كما ساهمتْ في مؤتمر المصالحة الوطنية بجمهورية إفريقيا الوُسطى.
مركز الأزهر للحوار
في إطار اهتمام فضيلة الإمام الأكبر بضرورة الحوار بين الأديان والحضارات المختلفة، وتفعيل الحوار الحضاري بين الأزهر والمؤسسات الدينية والفكرية والعلمية في العالم؛ أُنشئ مركز الأزهر للحوار عام 2015م؛ ليكونَ مركزًا عالميًّا يسعى إلى ترسيخ العمل على قَبول الآخَر، ودعم التعايُش المُشترَك، والتأكيد على القيَم الدينية والإنسانية المُشترَكة بين الشعوب.
ويقوم “المركز” بدَورٍ كبير في التواصل مع المؤسسات الدينية في العالم، كما عقَد “المركز” جَولاتِ حوارٍ متعدّدة داخل مصر وخارجها، فضلًا عن: دَوره في المؤتمرات الحوارية التي نظّمها الأزهر، فضلًا عن جلسات الحوار المجتمعيّ التي يعقدها مع الشباب في مُختلِف محافظات مصر؛ بهدف إرساء قيَم الحوار وتحصين الشباب والاستفادة من مُقترَحاتهم وأفكارهم، والمساهمة في بناء المجتمع دينيًّا وأخلاقيًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا، وذلك بمشاركة مُختلِف الفئات العُمريّة، مع التركيز على الشباب.
المنظمة العالمية لخِرّيجي الأزهر
في إطار سَعي “الإمام الطيب” إلى ترسيخ مكانة الأزهر العالمية؛ طرَح فضيلتُه في عام 2007، عندما كان رئيسًا لجامعة الأزهر، مبادرةَ تأسيس رابطةٍ عالمية ينطوي تحت مظلّتها جميعُ خِرّيجي الأزهر الشريف في مُختلِف بقاع العالم؛ بهدف تفعيل قوّة الأزهر الشريف الناعمة، المتمثّلة في خِرّيجيه المنتشرين حول العالم، والتواصل معهم؛ بما يجعل للأزهر صوتًا مسموعًا في كلّ رُبوع المعمورة.
وقد وضَعَ فضيلة الإمام الأكبر نُصبَ عَينَيه زيادةَ حجم الوُجود العالمي للمنظمة؛ لتمتدَّ فروعها إلى تسعَ عشرةَ دولةً، هي: (ماليزيا، إندونيسيا (فرعان)، تايلاند، الهند، فلسطين، الصومال، السودان، تشاد، بريطانيا، جُزُر القمر، مالي، كينيا، جنوب إفريقيا، تنزانيا، باكستان، رواندا، كوت ديفوار، سلطنة بروناي)، إضافةً إلى: عِدّة فروع تحت التأسيس في كلٍّ من:
كُردستان العراق، اليمن، النيجر، أفغانستان، نيجيريا، أوكرانيا، والفلبين، كما قدّم أزهريون من دولٍ مختلفة طلباتٍ لتأسيس فروعٍ للمنظمة في دولهم. مركز الأزهر لتعليم اللغات الأجنبية إيمانًا من الأزهر الشريف بأهمية الانفتاح على الحضارات والثقافات المختلفة والتقريب بين الشرق والغرب؛ حرَص فضيلة الإمام الأكبر على إنشاء مركز الأزهر لتعليم اللغات، وذلك في عام 2008، حينما كان رئيسًا لجامعة الأزهر آنذاك، وكان الهدف من إنشائه تمكين طلبة وخِرّيجي جامعة الأزهر من الاطّلاع على ثقافاتِ وحضاراتِ العالم المختلفة بلغته نفسِها؛ لاكتساب المعارف من منابعها الأصيلة، وتأهيلهم للمساهمة في ترسيخ الصورة الصحيحة للتعاليم الإسلامية، وَفقَ منهج الأزهر الوسطيّ المعتدل، دون غُلوٍّ أو تفريط.
وبدأ الأزهرُ في السنوات الأخيرة حصْدَ ثمار ذلك الصرح العلمي، الذي يعمل باللغات: “الإنجليزية والفرنسية والألمانية”، من خلال مئات الطلاب والباحثين من أبناء الأزهر، الذين شَقّوا طريقهم للنَّهل من علوم وثقافات العالم المختلفة، من منابعها اللغوية الأصلية، أو عَبْرَ المِنَح التي نجح أبناء الأزهر في الفَوز بها؛ لنَيل درجتَي: “الماجستير” و”الدكتوراه”، من جامعات أوروبا والولايات المتحدة، من خلال مُنافَساتٍ مفتوحة مع أقرانهم عَبْرَ العالم.
للمزيد عن أخبار الأزهر الشريف و مشيخة الأزهر الشريف